فصل: فصل إذا صححنا الدور فقال متى وقع طلاقي على حفصة فعمرة طالق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **


 فصل علق طلاقها على حيضها

فقالت حضت فأنكر الزوج صدقت بيمينها وكذلك الحكم في كل ما لا يعرف إلا منها كقوله إن أضمرت بغضي فأنت طالق فقالت أضمرته تصدق بيمينها ويحكم بوقوع الطلاق‏.‏

ولو علق بزناها فوجهان أحدهما تصدق فيه لأنه خفي تندر معرفته فأشبه الحيض وأصحهما عند الإمام وآخرين لا تصدق كالتعليق ونحوه لأن معرفته ممكنة والأصل النكاح وطرد الخلاف في الأفعال الخفية التي لا يكاد يطلع عليهما‏.‏

ولو علق بالولادة فادعتها فأنكر وقال هذا الولد مستعار لم يصدق على الأصح وتطالبه بالبينة كسائر الصفات‏.‏

ولو علق طلاق غيرها بحيضها لم يقبل قولها فيه إلا بتصديق الزوج‏.‏

ولو قال إذا حضت فأنت وضرتك طالقان فقالت حضت وكذبها فحلفت طلقت ولم تطلق الضرة على الصحيح‏.‏

وعن صاحب التقريب طلاق الضرة أيضاً‏.‏

ولو قال لهما إن حضتما فأنتما طالقان فهو تعليق لطلاقهما على حيضهما جميعاً فإن حاضتا معاً أو مرتباً طلقتا فإن كذبهما صدق بيمينه ولم تطلقا وإن صدق إحداًهما فقط طلقت المكذبة بيمينها على حيضها ولا تطلق المصدقة‏.‏

وعلى قول صاحب التقريب تطلقان‏.‏

ولو قال لحفصة إن حضت فعمرة طالق وقال لعمرة إن حضت فحفصة طالق فقالتا حضنا فإن صدقهما طلقتا وإن كذبهما لم تطلقا وإن كذب إحداًهما طلقت المكذبة دون المصدقة‏.‏

فرع تحته ثلاث نسوة فقال إذا حضتن فأنتن طوالق فقلن حضنا وصدقهن طلقن وإن كذبهن أو كذب ثنتين لم تطلق واحدة منهن وإن كذب واحدة فقط طلقت فقط‏.‏

فرع قال لأربع نسوة إن حضتن فأنتن طوالق فقلن حضنا وصدقهن طلقن وإن كذبهن أو كذب ثنتين أو ثلاثاً وحلف لم تطلق واحدة منهن وإن كذب واحدة فقط طلقت فقط وعلى قياس صاحب التقريب تطلقن وكذا في صورة الثلاث‏.‏

فرع قال لأربع كلما حاضت واحدة منكن فأنتن طوالق فإذا حاض ثلاث منهن طلقن كلهن ثلاثاً ثلاثاً وإن قلن حضنا فكذبهن وحلف طلقت كل واحدة طلقة لأن يمينه تكفي في حيضها ولو صدق واحدة فقط طلقت طلقة وطلقت المكذبات طلقتين طلقتين ولو صدق ثنتين طلقتا طلقتين طلقتين وطلقت المكذبتان ثلاثاً ثلاثاً ولو صدق ثلاثاً طلق الجميع ثلاثاً ثلاثاً‏.‏

فرع قال كلما حاضت واحدة منكن فصواحبها طوالق فقلن حضنا وصدقهن طلقن ثلاثاً ثلاثاً‏.‏

وإن كذبهن لم يقع شيء وإن صدق واحدة لم يقع عليها شيء وطلقت الباقياًت طلقة طلقة وإن صدق ثنتين طلقتا طلقة طلقة وطلقت المكذبات طلقتين طلقتين وإن صدق ثلاثاً طلقن طلقتين طلقتين وطلقت المكذبة ثلاثاً‏.‏

فرع قال إذا رأيت الدم فأنت طالق فعن أبي العباس الروياني وجهان‏.‏

أصحهما حمله على دم الحيض لأنه المعتاد‏.‏

والثاني على كل دم فعلى الأولى لا تعتبر رؤيتها حقيقة بل المعتبر العلم كرؤية الهلال‏.‏

فرع ذكر اسماعيل البوشنجي أنه لو قال أنت طالق ثلاثاً في كل حيض طلقة وهي حائض في الحال فالذي يقتضيه اللفظ وقوع طلقة في الحال وثانية في أول الحيض الثاني وثالثة في أول الثالث‏.‏

وأنه لو قال إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق وعادتها ستة أيام مثلاً فإذا مضت ثلاثة أيام حكم بالطلاق‏.‏

فرع ذكر الإمام إشكالاً على وقوع الطلاق بتصديق الزوج لها وقال بم عرف الزوج صدقها وكيف يقع الطلاق بقوله صدقت وليس هو إقراراً فيؤاخذ به وغايته أن يظن صدقها بقرائن ومعلوم أنه لو قال سمعتها تقول حضت وأنا أجوز كذبها وأظن صدقها لا يحكم بوقوع الطلاق فليكن كذلك إذا أطلق التصديق إذ لا سند له إلا هذا‏.‏

قال وسمعت بعض أكابر العراق يحكي عن القاضي أبي الطيب عن الشيخ أبي حامد تردداً في وقوع الطلاق ولهذا الإشكال قال وسبيل الجواب عما أطبق عليه الأصحاب أن الإقرار حجة شرعية كاليمين واليمين يستند إلى قرائن يفيد الظن القوي كما تحلف المرأة على نية الزوج في الكنايات فلا يبعد أن يستند الإقرار إليها فليحكم به‏.‏

فرع إذا صدقناها في الولادة فإنما يقبل قولها في حقها دون غيرها‏.‏

كما قلنا في الحيض‏.‏

فلو قال إن ولدت فأنت طالق وعبدي حر فقالت ولدت وحلفت طلقت على هذا الوجه ولم يعتق العبد قطعاً ولو قال لأمته إذا ولدت فأنت حرة وامرأتي طالق فقالت ولدت عتقت ولم تطلق الزوجة‏.‏

ولو قال إذا ولدت فامرأتي طالق وولدك حر وكانت حاملاً بمملوك له لم تطلق الزوجة ولم يعتق الولد بقولها ولدت لأنه ليس في حقها‏.‏

فرع ذكر القفال تفريعاً على أنه لا يقبل قولها زنيت إذا علق الطلاق بزناها وبه أجاب أنه ليس لها تحليفه على أنه لا يعلم أنها زنت ولكن إن ادعت وقوع الفرقة حلف أنه لم تقع فرقة وكذا في التعليق بالدخول وسائر الأفعال‏.‏

الطرف الخامس في التعليق بالمشيئة أما تعليقه بمشيئة الله تعالى فسبق بيانه وأما التعليق بمشيئة غيره فينظر إن علق بمشيئة الزوجة مخاطبة فقال أنت طالق إن شئت اشترط مشيئتها في مجلس التواجب كما سبق في كتاب الخلع فإن أخرت لم تقع وفيه قول شاذ ذكرناه في كتاب الخلع ولو قال لأجنبي إن شئت فزوجتي طالق فالأصح أنه لا يشترط مشيئته على الفور وقيل كالزوجة ورجحه المتولي‏.‏

ولو علق بمشيئتها لا مخاطبة فقال زوجتي طالق إن شاءت لم تشترط المشيئة على الفور على الأصح وقيل يشترط قولها شئت في الحال إن كانت حاضرة وإن كانت غائبة فتبادر بها إذا بلغها الخبر‏.‏

ولو قال امرأتي طالق إذا شاء زيد لم يشترط الفور بالاتفاق‏.‏

ولو قال إن شئت وشاء فلان فأنت طالق اشترط مشيئتها على الفور وفي مشيئة فلان الوجهان أصحهما لا يشترط الفور‏.‏

 فصل علق بمشيئتها أو مشيئة غيرها

فقال المعلق بمشيئة الزوج شئت إن شئت أو إن شاء فلان فقال الزوج أو فلان شئت أو قال شئت غداً لم يقع الطلاق لأنه علق على مشيئة مجزوم بها ولم تحصل وحكى الحناطي وجهاً أنه يصح تعليق المشيئة ويقع الطلاق إذا قال الزوج شئت وهذا غريب ضعيف‏.‏

ولو شاء المعلق بمشيئته بلسانه وهو كاره بقلبه طلقت في الظاهر وفي الباطن وجهان قال أبو يعقوب الأبيوردي لا يقع كما لو أخبرت بالحيض كاذبة وإلى هذا مال القاضي حسين وقال القفال يقع قال البغوي وهو الأصح لأن التعليق في الحقيقة بلفظ المشيئة‏.‏

قلت قال الرافعي في المحرر الأصح الوقوع باطناً والله أعلم‏.‏

فرع علق بمشيئتها وهي صبية أو بمشيئة صبي فقالت شئت أو قال شئت لم تطلق على الأصح وقيل تطلق إن شاءت وهي مميزة كما لو قال لها أنت طالق إن قلت شئت أما لو علق بمشيئتها وهي مجنونة أو صغيرة لا تميز أو بمشيئة غيرها وهو بهذه الصفة فقالت شئت فلا تقع بلا خلاف‏.‏

ولو قال المعلق بمشيئته شئت وهو سكران خرج على الخلاف في أنه كالصاحي أو المجنون ولو علق بمشيئة أخرس فقال بالإشارة شئت طلقت وإن علق بمشيئة ناطق فخرس وأشار بالمشيئة طلقت على الأصح‏.‏

فرع قال أنت طالق إذا شئت فهو كقوله إن شئت وإن قال‏.‏

متى شاءت وإن فارقت المجلس‏.‏

فرع إذا علق بمشيئتها فإن أراد أن يرجع قبل مشيئتها لم يكن له كسائر التعليقات‏.‏

فرع قال أنت طالق إن شاءت الملائكة لم تطلق لأن لهم مشيئةً وحصولها غير معلوم ولو قال إن شاء فرع قال لامرأتيه إن شئتما فأنتما طالقان فشاءت كل واحدة طلاق نفسها دون ضرتها قال إسماعيل البوشنجي القياس وقوع الطلاق لأن المفهوم منه تعليق كل واحدة بمشيئتها وفي التتمة ما يقتضي تعليق طلاق كل واحدة بالمشيئتين‏.‏

فرع ذكر البغوي أنه لو قال أنت طالق كيف شئت قال أبو زيد والقفال تطلق شاءت أم لم تشأ وقال الشيخ أبو علي لا تطلق حتى توجد مشيئة في المجلس إما مشيئة أن تطلق وإما مشيئة أن لا تطلق قال البغوي وكذا الحكم في قوله أنت طالق على أي وجه شئت‏.‏

ولو قال أنت طالق إن شئت أو أبيت فمقتضى اللفظ وقوع الطلاق بأحد الأمرين المشيئة أو الإباء كما لو قال أنت طالق إن قمت أو قعدت ولو قال أنت طالق شئت أو أبيت طلقت في الحال إذ لا تعليق في هذا‏.‏

 فصل قال أنت طالق ثلاثاً إلا أن يشاء أبوك أو فلان واحدة

فشاء واحدة ثلاثة أوجه أصحها لا يقع شيء كما لو قال أنت طالق إلا أن يدخل أبوك الدار فدخل وعلى هذا لو شاء اثنتين أو ثلاثاً لم يقع شيء أيضاً لأنه شاء واحدة وزاد والثاني أنه إذا شاء واحدة وقعت والثالث يقع طلقتان وتقديره أنت طالق ثلاثاً إلا أن يشاء أبوك أن لا يقع واحدة منها فلا يقع فإذا قلنا بالأول فقال أردت المراد بالثاني قبل وإن قلنا بالثاني فقال أردت معنى الأول قبل أيضاً على الأصح فلا يقع شيء ولو قال أنت طالق واحدة إلا أن يشاء أبوك أو إلا أن تشائي ثلاثاً فإن شاء أو شاءت ثلاثاً لم يقع شيء تفريعاً على الأصح وإن لم يشأ شيئاً أو شاءت واحدة أو ثنتين وقعت واحدة‏.‏

ولو قال أنت طالق ثلاثاً إن شئت فقالت شئت واحدة أو ثنتين لم يقع شيء ولو قال أنت طالق واحدة إن شئت فقالت شئت ثنتين أو ثلاثاً وقعت الواحدة‏.‏

فرع قال أنت طالق لولا أبوك لم تطلق على الصحيح وفيه وجه ضعيف حكاه المتولي‏.‏

ولو قال أنت طالق لولا أبواك لطلقتك قال الأصحاب لا تطلق لأنه أخبر أنه لولا حرمة أبيها لطلقها وأكد هذا الخبر بالحلف بطلاقها كقوله والله لولا أبوك لطلقتك‏.‏

قال المتولي إنما لا تطلق إذا كان صادقاً في خبره فإن كان كاذباً طلقت في الباطن وإن أقر أنه كان كاذباً طلقت في الظاهر أيضاً‏.‏

قال أنت طالق إلا أن يشاء أو يبدو لي قال البغوي‏.‏

يقع في الحال‏.‏

فرع قال البغوي لو قال لها أحبي الطلاق أو اهوي أو أريدي أو ارضي وأراد تمليكها الطلاق فهو كقوله شائي أو اختاري فإذا رضيت أو أحبت أو أرادت وقع الطلاق هذا لفظه‏.‏

وقال البوشنجي إذا قال شائي الطلاق ونوى وقوع الطلاق بمشيئتها فقالت شئت لا تطلق وكذا لو قال أحبي أو أريدي لأنه استدعى منها المشيئة ولم يطلقها ولا علق طلاقها ولا فوضه إليها ولو قدر أنه تفويض فقولها شئت ليس بتطليق وهذا أقوى‏.‏

ولو قال إذا رضيت أو أحببت أو أردت الطلاق فأنت طالق فقالت رضيت أو أحببت أو أردت طلقت‏.‏

ولو قالت شئت قال البوشنجي ينبغي أن لا يقع وكذا لو قال إن شئت فقالت أحببت أو هويت لأن كلًا من لفظي المشيئة والمحبة يقتضي ما لا يقتضيه الآخر‏.‏

ولهذا يقال الإنسان يشاء دخول الدار ولا يقال يحبه ويحب ولده ولا يسوغ لفظ المشيئة فيه‏.‏

فرع قال أنت طالق إلا أن يرى فلان غير ذلك أو إلا إن يشاء أو يريد غير ذلك أو إلا أن يبدو لفلان غير ذلك فلا يقع الطلاق في الحال بل يقف الأمر على ما يبدو من فلان ولا يختص ما يبدو منه بالمجلس‏.‏

ولو مات فلان وفات ما جعله مانعاً من الوقوع تبين وقوع الطلاق قبيل موته‏.‏

فرع ذكر البوشنجي أنه لو قال أنت طالق إن لم يشأ فلان فقال فلان لم أشأ وقع الطلاق وكذا لو قال إن لم يشأ فلان طلاقك اليوم فقال فلان في اليوم لا أشاء وقع الطلاق وقياس التعليق ينفي الدخول وسائر الصفات أن يقال إنه وإن لم يشأ في الحال فقد يشاء بعد فلا يقع الطلاق إلا إذا حصل اليأس وفاتت المشيئة‏.‏

وفي صورة التقييد باليوم لا يقع إلا إذا مضى اليوم خالياً عن المشيئة ويجوز أن يوجه ما ذكره البوشنجي بأن كلام المعلق محمول على تلفظه بعدم المشيئة فإذا قال لم أشأ فقد تحقق الوصف الطرف السادس في مسائل الدور فإذا قال لها إذا طلقتك أو إن طلقتك أو متى طلقتك أو مهما طلقتك فأنت طالق قبله ثلاثاً ثم طلقها فثلاثة أوجه أحدها لا يقع عليها طلاق أصلاً عملاً بالدور وتصحيحاً له لأنه لو وقع المنجز لوقع قبله ثلاث وحينئذ فلا يقع المنجز للبينونة وحينئذ لا يقع الثلاث لعدم شرطه وهو التطليق والوجه الثاني يقع المنجز فقط‏.‏

والثالث يقع ثلاث تطليقات المنجزة وطلقتان من المعلق‏.‏

وقيل على هذا يقع المعلقات دون المنجزة قال الإمام وهو بعيد ثم الوجهان الأولان يجريان في المدخول بها وغيرها وأما الثالث فمختص بالمدخول بها فإن غيرها لا يتعاقب عليها طلاقان‏.‏

ولو قال لرقيق إن أعتقك فأنت حر قبله ثم أعتقه عتق على الوجه الثاني دون الأول ولو قال إذا طلقتك فأنت طالق ثلاثاً قبله بيوم وأمهل يوماً ثم طلقها ففيه الخلاف ولو طلق قبل تمام يوم من وقت التعليق وقع المنجز بلا خلاف ولا يقع شيء من المعلق لأن الوقوع لا يسبق اللفظ‏.‏

ولو قال متى طلقتك فأنت طالق قبله بشهرين أو بسنة فإن طلقها قبل مضي تلك المدة وقع المنجز فقط بلا خلاف وإن مضت تلك المدة فعلى الوجه الأول وإن كانت غير مدخول بها لم يقع شيء وإن كانت مدخولاً بها فإن كانت عدتها منقضية في تلك المدة لو أوقعنا طلقة من الوقت الذي ذكره لم يقع شيء أيضاً وإن لم تكن منقضية وقع عليها طلقتان وعلى الوجه الثاني إن لم يكن مدخولاً بها وقع ما نجزه وإن كانت مدخولاً بها وكانت عدتها منقضية في تلك المدة فكذلك وإن كانت غير منقضية وقع طلقتان‏.‏

ولو قال أنت طالق اليوم ثلاثاً إن طلقتك غداً واحدة ثم طلقها غداً واحدة ففيه الأوجه وإذا كان التعليق بالتطليق كما صورناه في هذه المسائل فلو كان قد علق طلاقها بدخول الدار ونحوه قبل التعليق بالتطليق ثم دخلت الدار يقع المعلق بالدخول بلا خلاف لأنه ليس بتطليق وكذا لو وكل وكيلاً بتطليقها لأنه لم يطلقها الزوج إنما وقع عليها طلاقه‏.‏

أما إذا قال إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثاً فسواء طلق بنفسه أو بوكيله هكذا ذكره الإمام والمتولي ولو علق طلاقها بدخول الدار ثم قال متى وقع عليك طلاقي فأنت طالق قبله ثلاثاً أو قال إن حنثت في يميني فأنت طالق قبله ثلاثاً ثم دخل الدار فهل يقع المعلق بالدخول إذا فرعنا على الوجه الأول وجهان‏.‏

أحدهما نعم لأنها يمين منعقدة قبل الدور فلا يملك إبطالها وأصحهما لا وبه قال القاضيان أبو الطيب والروياني للدور ويتصور حل اليمين ولهذا لو قال إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق ثلاثاً كان له إسقاطه بأن يقول أنت طالق قبل انقضاء الشهر بيوم وعلى هذا الوجه هذا الطريق أسهل في دفع الطلقات الثلاث من الخلع وإيقاع الصفة في حال البينونة‏.‏

ولو قال أنت طالق ثلاثاً قبل أن أطلقك واحدة ثم طلقها واحدة فعلى الوجه الأول لا يقع شيء وكذا لو طلق ثلاثاً أو اثنتين لاشتمال العدد على واحدة وإذا مات أحدهما يحكم بوقوع الطلاق قبل الموت كما لو قال إن لم أطلقك فأنت طالق قاله المتولي وعلى الوجه الثاني يقع المنجز‏.‏

ولو قال إذا طلقتك ثلاثاً فأنت طالق قبلها طلقة فطلقها ثلاثاً فعلى الوجه الأول لا يقع ولو طلقها واحدة أو ثنتين وقع المنجز بلا خلاف ولو قال إذا طلقتك فأنت طالق قبله طلقتين وهي غير مدخول بها فطلقها لم يقع على الأول شيء وعلى الثاني يقع المنجز وإن كانت مدخولاً بها وقع طلقتان على الوجهين‏.‏

فرع قال إن آليت منك أو ظاهرت منك فأنت طالق قبله ثلاثاً فإذا آلى أو ظاهر منها لم تقع الثلاث قبله وفي صحة الظهار والإيلاء الوجهان إن صححنا الدور لم يصحا وإن أوقعنا الطلاق المنجز صحا واختاره الغزالي في كتابه ‏"‏ غاية الغور في دراية الدور ‏"‏ القطع بالصحة وكذا الحكم لو قال إن لاعنتك أو حلفت بطلاقك فأنت طالق قبله ثلاثاً أو قال للرجعية إن راجعتك فأنت طالق قبله طلقتين أو ثلاثاً أو قال إن فسخت النكاح بعيبك فأنت طالق قبله ثلاثاً وإذا وجد منه التصرف المعلق عليه ففي نفوذه الوجهان‏.‏

قاله الشيخ أبو علي والقاضي حسين والأصحاب ولو قال إن فسخت النكاح بعيبي أو بعيبك فأنت طالق قبله ثلاثاً أو قال إن استحققت الفسخ بذلك أو بالإعسار أو إن استقر مهرك بالوطء أو إن استحققت النفقة أو القسم أو طلب الطلاق في الإيلاء فأنت طالق قبله ثلاثاً ثم فسخت أو وجدت الأسباب المثبتة لهذه الاستحقاقات نفذ الفسخ وتبين الاستحقاق ولا نقول بإبطالها للدور وإن ألغينا الطلاق المنجز والفرق أن هذه فسوخ وحقوق ثبتت عليه قهراً ولا تتعلق بمباشرته واختياره فلا يصلح تصرفه دافعاً لها ومبطلاً لحق غيره بخلاف الطلاق ولو قال إن انفسخ نكاحك فأنت طالق قبله ثلاثاً ثم ارتد أو اشتراها انفسخ النكاح قطعاً ولا يقع الطلاق‏.‏

فرع قال إن وطئت وطأً مباحاً فأنت طالق قبله ثم وطئها لم تطلق قبله إذ لو طلقت لم يكن الوطء مباحاً وسواء ذكر الثلاث في هذه الصورة أم لا‏.‏

قال الإمام وغيره ولا خلاف في هذه الصورة بل موضع الخلاف إذا انحسم بتصحيح اليمين الدائرة باب الطلاق أو غيره من التصرفات الشرعية وهنا لا تنحسم ولو قال إن طلقتك طلقة رجعية فأنت طالق قبلها ثلاثاً أو طلقتين فطلقها ففيه الخلاف ولو طلقها ثلاثاً أو خالعها أو كانت غير مدخول بها فطلقها واحدة أو ثنتين وقع المنجز لأنه إنما علق الثلاث بالطلقة الرجعية‏.‏

وفي هذه الصور ما نجزه ليس برجعي ولو قال إن طلقتك طلقة رجعية فأنت طالق قبله واحدة وهي مدخول بها فلا دور فإذا طلقها طلقت طلقتين ولو قال للمدخول بها متى طلقتك طلاقاً رجعياً فأنت طالق ثلاثاً ولم يقل قبله ثم طلقها وقع الثلاث ولا دور وحكي عن ابن سريج أنه لا يقع شيء قال الشيخ أبو علي هذا غلط من ناقل أو ناسخ وابن سريج أجل من أن يقول هذا قال الإمام والمحكي عن ابن سريج متجه عندي‏.‏

ولو قال إذا طلقتك طلقة رجعية فأنت طالق معها ثلاثاً فإذا طلقها فوجهان بناء على الوجهين في قوله لغير المدخول بها أنت طالق طلقة معها طلقة هل يقع طلقتان أم طلقة إن قلنا طلقتان معاً فهنا لا يقع شيء بناء على تصحيح الدور وإن قلنا هناك لا يقع إلا واحدة وقع هنا الثلاث كما لو لم يقل معها‏.‏

فرع اختلف الأصحاب في الراجح من الأوجه الثلاثة في الدور فالمعروف عن ابن سريج الوجه الأول وهو أنه لا يقع الطلاق وبه اشتهرت المسألة بالسريجية وبه قال ابن الحداد والقفالان والشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب واختاره الشيخ أبو علي وصاحب المهذب والغزالي وعن المزني أنه قال في كتاب المنثور ورأيت في بعض التعاليق أن صاحب الإفصاح حكاه عن نص الشافعي رضي الله عنه أنه مذهب زيد بن ثابت رضي الله عنه واختاره الإمام أبو بكر الإسماعيلي وأبو عبد الله الحسين الوجه الثالث وهو وقوع الثلاث إذا نجز واحدة وذهب إلى وقوع المنجزة فقط ابن القاص وأبو زيد وهو مذهب أبي حنيفة واختاره ابن الصباغ والمتولي والشريف ناصر العمري وللغزالي تصنيفان في المسألة مطول في تصحيح الدور سماه غاية الغور في دراية الدور ومختصر في إبطاله سماه الغور في الدور رجع فيه عن تصحيحه واعتذر فيه عما سبق منه ويشبه أن تكون الفتوى به أولى‏.‏

وذكر الروياني بعد اختياره تصحيح الدور أنه لا وجه لتعليم العوام المسألة لفساد الزمان‏.‏

قلت قد جزم الرافعي في المجرد بترجيح وقوع المنجزة فقط كما أشار هنا إلى اختياره‏.‏

والله أعلم‏.‏

 فصل إذا صححنا الدور فقال متى وقع طلاقي على حفصة فعمرة طالق

قبله ثلاثاً ومتى وقع طلاقي على عمرة فحفصة طالق قبله ثلاثاً ثم طلق إحداًهما لم تطلق هي ولا صاحبتها فلو ماتت عمرة ثم طلقت حفصة طلقت لأنه لا يلزم والحالة هذه من إثبات الطلاق نفيه ولو قال زيد لعمرو متى وقع طلاقك على زوجتك فزوجتي طالق قبله ثلاثاً وقال عمرو لزيد مثل ذلك لم يقع طلاق واحد منهما على زوجته ما دامت زوجة الآخر في نكاحه ولو قال لزوجته متى دخلت الدار وأنت زوجتي فعبدي حر قبله وقال لعبده متى دخلت الدار وأنت عبدي فامرأتي طالق قبله ثلاثاً ثم دخلا الدار معاً لم يعتق العبد ولا تطلق هي قال الإمام ولا يخالف أبو زيد في هذه الصورة لأنه ليس فيها سد باب التصرف فلو دخلت المرأة أولاً ثم العبد عتق ولم تطلق هي لأنه حين دخلت لم يكن عبداً له فلم تحصل صفة طلاقها‏.‏

ولو دخل العبد أولاً ثم دخلت طلقت ولم يعتق ولو قال لها متى دخلت الدار وأنت زوجتي فعبدي حر وقال له متى دخلت الدار وأنت عبدي فزوجتي طالق ولم يقل في الطرفين قبله فدخلا معاً عتق وطلقت لأن كلاً منهما عند الدخول بالصفة المشروطة‏.‏

ولو دخل ثم دخلت أو عكسه فالحكم كما في الصورة السابقة بلا فرق‏.‏

فرع قال لها متى أعتقت أمتي هذه وأنت زوجتي فهي حرة ثم قال متى أعتقتها فأنت طالق قبل إعتاقك إياها بثلاثة أيام ثم أعتقتها المرأة قبل ثلاثة أيام عتقت الأمة لأنها أعتقتها وهي زوجة ولا تطلق المرأة لأنها لو طلقت لطلقت قبل الإعتاق بثلاثة أيام وحينئذ يكون الطلاق متقدماً على اللفظ وذلك ممتنع‏.‏

فلو أمهلت ثلاثة أيام ثم أعتقها لم تعتق لأنه إنما أذن لها في الإعتاق بشرط أن تكون زوجة له ولا تطلق أيضاً لأنه معلق بالعتق وبالله التوفيق‏.‏

فمن ذلك التعليق بالحلف قال ابن سريج وتابعه جمهور الأصحاب الحلف ما تعلق به منع من الفعل أو حث عليه أو تحقيق خير وجلب تصديق فإذا قال إذا حلفت أو إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال إذا طلعت الشمس أو إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق لم يقع الطلاق المعلق بالحلف بالطلاق لأنه ليس في هذا التعليق منع ولا حث ولا غرض تحقيق وكذا لو قال إذا حضت أو إذا طهرت أو إذا شئت فأنت طالق فكذلك حكمه وحكى الفوراني وجهاً أن هذا كله يسمى حلفاً وهذا شاذ والصواب الأول‏.‏

ولو قال بعد التعليق بالحلف إن ضربتك أو إن كلمت فلاناً أو إن خرجت من الدار أو إن لم تخرجي أو إن لم أفعل كذا أو إن لم يكن هذا كما قلت فأنت طالق وقع في الحال الطلاق المعلق بالحلف لأن هذا حلف ثم إذا وجد الضرب أو غيره مما علق عليه وقعت طلقة أخرى إن بقيت في العدة ولو قال إن قدم فلان فأنت طالق وقصد منعه وهو ممن يمتنع تخلفه فهو كقوله إن دخلت الدار‏.‏

وكذا لو قال الزوج طلعت الشمس فكذبته فقال إن لم تطلع فأنت طالق فهو حلف لأن غرضه التحقيق وحملها على التصديق وإن قصد بقوله إن قدم فلان التوقيت أو كان فلان ممن لا يمتنع تخلفه كالسلطان أو قال إذا قدم الحجيج فأنت طالق فليس هذا حلفاً وما جعلنا التعليق به حلفاً فلا فرق بين أن يعلقه بصيغة إن أو صيغة إذا اعتباراً بأنه موضع منع وحث وتصديق وقيل إن كان بصيغة إذا فهو توقيت وليس بحلف والصحيح الأول وما لم يجعل التعليق به حلفاً كطلوع الشمس وقدوم الحجيج فلا فرق فيه بين صيغة إن و إذا وقيل إن علقه بصيغة إن كان حلفاً لأنه صرفه عن التوقيت بالعدول عن كلمة التوقيت وهي إذا فإنها ظرف زمان والصحيح الأول‏.‏

فرع قال إن أقسمت بطلاقك أو عقدت يميني بطلاقك فأنت طالق فهو كقوله إن حلفت بطلاقك ولو قال إن لم أحلف بطلاقك أو إذا لم أحلف بطلاقك فأنت طالق فحكمه كما سبق في طرف الإثبات والمذهب أن لفظة إن لا تقتضي الفور والبدار إلى الحلف ولفظه إذا تقتضيه‏.‏

فإذا قال إذا لم أحلف بطلاقك فأنت طالق ثم أعاد ذلك مرة ثانية وثالثة نظر إن فصل بين المرات بقدر ما يمكن فيه الحلف بطلاقها وسكت فيه ولم يحلف عقيب المرة الثالثة وقع الطلقات الثلاث وإن وصل الكلمات لم يقع بالأولى ولا بالثانية شيء ويقع بالثالثة طلقة إذا لم يحلف بطلاقها‏.‏

ولو قال كلما لم أحلف بطلاقك فأنت طالق ومضى زمان يمكنه أن يحلف فيه فلم يحلف طلقت طلقة‏.‏

فإذا مضى مثل ذلك ولم يحلف وقعت ثانية وكذلك الثالثة‏.‏

ولو قال إن حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم أعاد هذا القول مرة ثانية وثالثة ورابعة فإن كانت المرأة مدخولاً بها وقع بالمرة الثانية طلقة وتنحل اليمين الأولى ثم يقع بالثالثة طلقة بحكم اليمين الثانية وتنحل ويقع بالرابعة طلقة ثالثة بحكم اليمين الثالثة وتنحل الثالثة وتكون الرابعة يميناً منعقدة حتى يقع بها الطلاق إذا حلف بطلاقها في نكاح آخر إن قلنا يعود الحنث بعد الطلقات الثلاث وإن لم يكن مدخولاً بها وقع طلقة بالمرة الثانية وبانت بها تنحل اليمين الأولى وتبقى الثانية منعقدة وفي ظهور أثرها في النكاح المجدد الخلاف في عود الحنث والثالثة والرابعة واقعتان في حال البينونة فلا تنعقدان ولا ينحل بهما شيء‏.‏

ولو قال لغير المدخول بها إذا كلمتك فأنت طالق وأعاد ذلك مراراً وقع بالمرة الثانية طلقة وهي يمين منعقدة وتنحل بالثالثة لأن التعليق هنا بالكلام والكلام قد يكون في البينونة وهناك التعليق بالحلف بالطلاق وذلك لا يكون في حال البينونة وقال سهل الصعلوكي لا تنعقد اليمين الثانية في مسألة الكلام لأنها تبين بقوله إن كلمتك فيقع قوله فأنت طالق في حال البينونة وتلغو الثالثة والرابعة والصحيح الأول لأن قوله إن كلمتك فأنت طالق كلام واحد‏.‏

فرع قال لامرأتيه إذا حلفت بطلاقكما فأنتما طالقان وأعاد هذا القول مراراً فإن كان دخل بهما طلقتا ثلاثاً ثلاثاً وإن لم يدخل بواحدة منهما طلقتا طلقة وبانتا وفي عود الحنث باليمين الثانية الخلاف وإن دخل بإحداًهما طلقتا جميعاً بالمرة الثانية وبانت غير المدخول بها وبالمرة الثالثة لا تطلق واحدة منهما لأن شرط الطلاق الحلف بهما ولا يصح الحلف بالبائن فإن نكح التي بانت وحلف بطلاقها وحدها طلقت المدخول بها إن راجعها أو كانت بعد في العدة لأنه حصل الشرط وهو الحلف بطلاقها‏.‏

وفي طلاق هذه المجددة الخلاف في عود الحنث‏.‏

فرع قال لامرأتيه إن حلفت بطلاقكما فعمرة منكما طالق وأعاد هذا مراراً لم تطلق عمرة لأن طلاقها معلق بالحلف بطلاقهما معاً وهذا حلف بطلاقها وحدها وكذا لو قال بعد التعليق الأول إذا دخلتما الدار فعمرة طالق وإنما تطلق عمرة إذا حلف بطلاقهما جميعاً إما في يمين أو يمينين‏.‏

ولو قال إن حلفت بطلاقكما فإحداكما طالق وأعاد ذلك مراراً لم تطلق واحدة منهما‏.‏

فلو قال بعد ذلك إن حلفت بطلاقها فأنتما طالقان طلقت إحداهما بالتعليق الأول وعليه البيان ولو قال إن حلفت بطلاق إحداًكما فأنتما طالقان وأعاد مرة ثانية طلقتا جميعاً‏.‏

فرع قال أيما امرأة لم أحلف بطلاقها منكما فصاحبتها طالق‏.‏

قال صاحب التلخيص إذا سكت ساعة يمكنه أن يحلف فيها بطلاقهما طلقتا‏.‏

قال الشيخ أبو علي عرضت قوله على القفال وشارحي التلخيص فصوبوه والقياس أن هذه الصيغة لا تقتضي الفور ولا يقع الطلاق على واحدة منهما بالسكوت إلى أن يتحقق اليأس عن الحلف بموته أو موتها إذ ليس في عبارته تعرض للوقت بخلاف قوله متى لم أحلف‏.‏

وتابعه الإمام وغيره على قوله واستبعدوا كلام صاحب التلخيص

 فصل قال إن أكلت رمانة فأنت طالق

وإن أكلت نصف رمانة فأنت طالق فأكلت رمانة طلقت طلقتين‏.‏

ولو كان التعليق بصيغة كلما طلقت ثلاثاً لأنها أكلت رمانة ونصف رمانة مرتين‏.‏

 فصل تحته أربع نسوة

فقال من بشرتني منكن بكذا فهي طالق فبشرته واحدة بعد أخرى طلقت الأولى فقط لأن البشارة الخبر الأول‏.‏

ولو شاهد هو الحال قبل أن تخبره فاتت البشارة ولو بشره أجنبي ثم ذكرته له إحداًهن لم تطلق حكى الفوراني وجهاً أن البشارة لا تختص بالخبر الأول بل هي كقوله من أخبرتني بكذا وسنذكره إن شاء الله تعالى والصحيح الأول ولو بشرته امرأتان معاً فالمنقول أنهما تطلقان وفيه نظر فإنه لو قال من أكل منكما هذا الرغيف فهي طالق فأكلتاه لم تطلقا‏.‏

قلت الصواب أنهما تطلقان وليس كمسألة الرغيف لأنه لم تأكله واحدة منهما وأما البشارة فلفظ من ألفاظ العموم لا ينحصر في واحدة فإذا بشرتاه معاً صدق اسم البشارة من كل واحدة فطلقتا والله أعلم‏.‏

ويشترط في البشارة الصدق فلو قالت واحدة كان كذا وهي كاذبة ثم ذكرته الثانية وهي صادقة طلقت الثانية دون الأولى وتحصل البشارة بالمكاتبة كما تحصل باللفظ ولو أرسلت رسولاً لم تطلق لأن المبشر هو الرسول ذكره البغوي‏.‏

فرع قال من أخبرتني منكما بكذا فهي طالق فلفظ الخبر يقع على الكذب والصدق ولا يختص بالخبر الأول فإذا أخبرتاه صادقتين أو كاذبتين معاً أو على الترتيب طلقتا جميعاً وسواء قال من أخبرتني منكما بقدوم زيد أو من أخبرتني أن زيداً قدم أو بأن زيداً قدم وحكي وجه فيما إذا قال من أخبرني بقدوم زيد أنه لا يقع إذا أخبرته كاذبة لأن الباء للإلصاق فصار في معنى شرط القدوم فصل تحته حفصة وعمرة فقال يا عمرة فأجابته حفصة فقال أنت طالق فإن قال ظننت المجيبة عمرة تطلق عمرة لم تطلق عمرة لأنه لم يخاطبها بالطلاق بل ظن ذلك وظن الخطاب بالطلاق لا يقتضي وقوعه‏.‏

ولهذا لو قال لزوجته أنت طالق وهو يظنها زوجته الأخرى طلقت المخاطبة دون المظنونة ولو قال لأجنبية أنت طالق وهو يظنها زوجته لم يقع الطلاق على زوجته وأما حفصة المخاطبة فيقع عليها الطلاق على الأصح وأشار بعضهم إلى أن الخلاف في الوقوع باطناً وأنها تطلق ظاهراً بلا خلاف هذا ترتيب الأصحاب‏.‏

وقال الإمام لو قيل تطلق حفصة ظاهراً قطعاً وفي عمرة وجهان لكان محتملاً ولو قال علمت أن التي أجابتني حفصة سئل فإن قال قصدت طلاق حفصة طلقت حفصة دون عمرة لأن قوله محتمل وإن قال قصدت طلاق عمرة دون حفصة المجيبة طلقت عمرة ظاهراً وباطناً ويدين في حفصة ويقع طلاقها ظاهراً على الصحيح ولو كان النداء والجواب كما سبق لكن قال بعد جواب حفصة زينب طالق لامرأة له ثالثة طلقت زينب دون حفصة وعمرة‏.‏

ولو قال أنت وزينب طالقان طلقت زينب ثم يسأل فإن قال ظننت المجيبة عمرة لم تطلق عمرة وتطلق حفصة على الأصح‏.‏

وإن قال علمت أن المجيبة حفصة وقصدت طلاقها طلقت دون عمرة وإن قال قصدت طلاق عمرة طلقت عمرة ظاهراً وباطناً وطلقت حفصة ظاهراً على الصحيح وهذه المسألة ليست من التعليق في شيء لكن التزام ترتيب الكتاب اقتضى جعلها هنا فصل قال العبد لزوجته إذا مات سيدي فأنت طالق طلقتين وقال السيد للعبد إذا مت فأنت حر فمات نظر إن لم يحتمل الثلث جميع العبد رق ما زاد على الثلث ومن بعضه رقيق كالقن في عدد الطلاق فتقع الطلقتان وليس له رجعتها ولا نكاحها إلا بمحلل وإن احتمله الثلث عتق وفي تحريمها عليه وجهان أحدهما لا تحل إلا بمحلل وأصحهما وبه قال ابن الحداد لا تحرم فله رجعتها وله تجديد نكاحها بلا محلل لأن العتق والطلاق وقعا معاً فلم يكن رقيقاً حال الطلاق حتى يفتقر إلى محلل ولا تختص المسألة بموت السيد بل يجري الخلاف في كل صورة تعلق عتق العبد ووقوع طلقتين على زوجته بصفة واحدة كما لو قال العبد إذا جاء الغد فأنت طالق طلقتين وقال السيد إذا جاء الغد فأنت حر ولو قال العبد إذا عتقت فأنت طالق طلقتين وقال السيد إذا جاء الغد فأنت حر قال الشيخ أبو علي إذا جاء الغد عتق وطلقت طلقتين ولا تحرم عليه بلا خلاف لأن العتق سبق وقوع الطلاق ولو علق السيد عتقه بموته وعلق العبد الطلقتين بآخر جزء من حياة السيد انقطعت الرجعة واشترط المحلل بلا خلاف لأن الطلاق صادف الرق‏.‏

فرع من له نكاح الأمة نكح أمة مورثه ثم قال لها إذا مات سيدك فأنت طالق فمات السيد وورثه الزوج انفسخ النكاح ولم يقع الطلاق على الأصح وقيل يقع سواء كان على السيد دين مستغرق أم لا وقيل إن كان دين مستغرق نفذ الطلاق تفريعاً على أن الدين يمنع انتقال الملك إلى الوارث فعلى هذا إذا قضي الدين بان انتقال الملك إليه وصار الدين كالمعدوم والصحيح الأول‏.‏

ولو علق الزوج طلاقها كما ذكرنا وقال السيد إذا مت فأنت حرة فإن خرجت من الثلث عتقت وطلقت وإلا عاد الخلاف في نفوذ الطلاق فلو أجاز الزوج عتقها وكان حائزاً للإرث أو أجاز معه باقي الورثة فإن قلنا الاجازة تنفيذ طلقت لأنها لم تدخل في ملك الوارث وإن قلنا عطية من الوارث فقد دخلت في ملكه ويكون وقوع الطلاق على الخلاف ولو كاتبها السيد ومات قال الشيخ أبو علي في وقوع الطلاق الخلاف لأن المكاتب يورث ولهذا لو مات وبنته تحت مكاتبه انفسخ النكاح لأنها ورثت بعض زوجها وإذا لم يكن الزوج وارثاً لسبب وقع الطلاق والانفساخ قطعاً‏.‏

قال الحر لزوجته الأمة إن اشتريتك فأنت طالق وقال سيدها إن بعتك فأنت حرة فباعها لزوجها عتقت في الحال لأنا إن قلنا الملك في زمن الخيار للبائع أو موقوف فالجارية ملكه وقد وجدت الصفة وإن قلنا الملك للمشتري فللبائع الفسخ وإعتاقه فسخ فتعود الجارية بالإعتاق إلى ملكه وأما الطلاق فقد أطلق ابن الحداد أنه يقع قال الأصحاب هذا تفريع على أن الملك في زمن الخيار للبائع فإن النكاح على هذا القول باق وقد وجد شرط الطلاق فيقع وكذا الحكم على قولنا موقوف لأنه لم يتم البيع وأما إذا قلنا الملك للمشتري فلا يقع الطلاق على الأصح كالمسألة السابقة في الفرع السابق ولو قال إن ملكتك بدل اشتريتك لم يجىء فيه إلا هذا الخلاف الأخير ولو اشترى زوجته الأمة وطلقها في زمن الخيار فإن قلنا الملك للبائع نفذ الطلاق وإن قلنا للمشتري فلا وإن قلنا موقوف فإن لم يتم البيع طلقت وإلا فلا قال الشيخ أبو علي ومتى وقع الطلاق ثم تم البيع فإن كان الطلاق رجعياً فله الوطء بملك اليمين ولا يلزم الصبر إلى انقضاء العدة لأنها عدته كما له نكاح مختلعته في العدة وإن كان الطلاق بالثلاث فليس له وطؤها بملك اليمين قبل محلل على الأصح‏.‏

 فصل قال أنت طالق يوم يقدم زيد فقدم نهاراً طلقت

وهل يقع الطلاق عقب القدوم أم نتبين وقوعه من طلوع الفجر وجهان‏.‏

أصحهما الثاني وبه قال ابن الحداد لأن الطلاق مضاف إلى يوم القدوم فأشبه قوله يوم الجمعة فلو ماتت ثم قدم زيد ذلك اليوم فعلى الوجه الثاني ماتت مطلقة فلا يرثها الزوج إن كان الطلاق بائناً وكذلك لو مات الزوج بعد الفجر فقدم زيد في يومه لم ترث هي منه وعلى الوجه الأول ثبت الإرث ولو خالعها في أول النهار ثم قدم فعلى الوجه الأول الخلع صحيح ولا تطلق بالقدوم وعلى الثاني الخلع باطل إن كان الطلاق المعلق بائناً وإن كان رجعياً فعلى الخلاف في خلع الرجعية ولو كانت طاهراً في أول النهار فحاضت ثم قدم فعلى الوجه الثاني تحسب بقية ذلك الطهر قرءاً وعلى الأول بخلافه ويجري الخلاف فيما لو قال عبدي حر يوم يقدم زيد فباعه ثم قدم زيد في يوم البيع هل يصح البيع أم لا‏.‏

لو قدم زيد ليلاً لم تطلق على المذهب وبه قطع الجمهور وقيل وجهان لأن اليوم قد يستعمل في مطلق الوقت‏.‏

 فصل قال أنت طالق هكذا وأشار بإصبع

طلقت طلقة وإن أشار بإصبعين فطلقتين أو بثلاث فثلاثاً قال الإمام هذا إذا أشار إشارة مفهمة للطلقتين أو الثلاث وإذا حصلت الإشارة المعتبرة فقال أردت الإشارة بالأصبعين المقبوضتين صدق بيمينه للإحتمال وإن قال أردت واحدة لم يقبل على الأصح‏.‏

وقال صاحب التقريب يقبل وإن قال أنت طالق وأشار بالأصابع ولم يقل هكذا لم يحكم بوقوع العدد إلا بالنية ولو قال أنت هكذا وأشار بأصبعه الثلاث ففي فتاوى القفال أنه إن نوى الطلاق طلقت ثلاثاً وإلا فلا كما لو قال أنت ثلاثاً ولم ينو بقلبه‏.‏

وقال غيره ينبغي أن لا تطلق وإن نوى لأن اللفظ لا يشعر بطلاق‏.‏

قلت هذا الثاني أصح ويوافقه ما قطع به صاحب المهذب فقال لو قال أنت وأشار بأصابعه الثلاث ونوى الطلاق لا يقع لأنه ليس فيه لفظ طلاق والنية لا يقع بها طلاق من غير لفظ والله أعلم‏.‏

فرع قال إن دخلت الدار أو كلمت زيداً فأنت طالق أو أنت طالق إن دخلت الدار أو كلمت زيداً طلقت بأيهما وجد وتنحل اليمين فلا يقع بالصفة الأخرى شيء ولو قال إن دخلت الدار وإن كلمت زيداً فأنت طالق أو أنت طالق إن دخلت الدار وإن كلمت زيداً أو قال إن دخلت هذه الدار وإن دخلت الأخرى فأنت طالق أو قال إن دخلت هذه الدار فأنت طالق وإن دخلت الأخرى وقع بالصفتين طلقتان وبإحداهما طلقة‏.‏

ولو قال إن دخلت وكلمت زيداً فأنت طالق فلا بد من وجودهما وتقع طلقة واحدة وسواء تقدم الكلام على الدخول أو تأخر وأشار في التتمة إلى وجه في اشتراط تقدم الدخول تفريعاً على أن الواو تقتضي الترتيب ولو قال إن دخلت الدار فكلمت زيداً أو ثم كلمت زيداً فلا بد منهما ويشترط تقدم الدخول ولو قال إن دخلت الدار إن كلمت زيداً فأنت طالق أو قال أنت طالق إن دخلت إن كلمت فلا بد منهما ويشترط تقدم المذكور آخراً على المذكور أولاً ويسمى هذا اعتراض الشرط على الشرط لأنه جعل الكلام شرطاً لتعليق الطلاق بالدخول والتعليق يقبل التعليق كما أن التنجيز يقبله ولهذا يصح أن يقول لعبده إن دخلت الدار فأنت مدبر ومن هذا الباب قوله تعالى ‏"‏ ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم ‏"‏‏.‏

وفي فتاوى القفال أنه يشترط تقدم المذكور أولاً فإن قدمت الثاني لم تطلق وهذا غريب ضعيف

ومال إمام الحرمين إلى أنه لا يشترط بالترتيب ويتعلق الطلاق بحصولهما كيف كان والصحيح الذي عليه الجماهير هو الأول قالوا فإذا كلمته في المثال المذكور ثم دخلت طلقت وإن دخلت ثم كلمته لم تطلق‏.‏

قال المتولي وتنحل اليمين فلو كلمته بعد ذلك ثم دخلت لم تطلق لأن اليمين تنعقد على المرة الأولى وسواء كانت صيغة الشرط في الصفتين إن أو غيرها وسواء اتحدت الصيغة أم لا حتى لو قال أنت طالق إذا دخلت إذا كلمت أو قال إن دخلت إن كلمت أو بالعكس أو قال متى كلمت فالحكم كما سبق ولو قال إن أعطيتك إن وعدتك إن سألتني فأنت طالق اشترط وجود السؤال ثم الوعد ثم العطية والمعنى إن سألتني فوعدتك فأعطيتك فأنت طالق وذكر صاحب المهذب أنه لو قال إن سألتني إن أعطيتك إن وعدتك فأنت طالق اشترط السؤال ثم الوعد ثم العطية لكن مقتضى ما تمهل أنه يشترط وجود الوعد ثم العطية ثم السؤال والمعنى إن سألتني وأعطيتك إن وعدتك فأنت طالق وكأنه صور رجوع الكل إلى مطلوب واحد ولم ير للوعد معنىً بعد العطية ولا للسؤال معنىً بعد الوعد والعطية فحمله على ما ذكرناه‏.‏

فرع قال إن دخلت الدار فأنت طالق إن كلمت زيداً فقد يريد إذا دخلت الدار تعلق طلاقها بالكلام وقد يريد إذا كلمته تعلق طلاقها بالدخول فيراجع ويعمل بتفسيره‏.‏

فرع قال إن كلمت زيداً وعمراً أو بكراً مع عمرو فأنت طالق فإنما تطلق إذا كلمت زيداً وعمراً فرع قال المتولي عادة البغداًديين إذا أراد أحدهم تعليقاً بالدخول يقول أنت طالق لا دخلت كما يقول الحالف والله لا أدخل والمعنى إن دخلت فأنت طالق وعلى هذه العادة قال ابن الصباغ لو قال أنت طالق لا كلمت زيداً وعمراً وبكراً فكلمتهم طلقت وإن كلمت بعضهم لم تطلق‏.‏

ولو قال لا كلمت زيداً ولا عمراً ولا بكراً فأيهم كلمته طلقت‏.‏

فرع ذكر ابن سريج أنه لو قال أنت طالق إن كلمت زيداً حتى يدخل عمرو الدار أو إلى أن يدخل فالغاية تتعلق بالشرط لا بنفس الطلاق والمعنى أنت طالق إن كلمت زيداً قبل دخول عمرو الدار‏.‏

 فصل قال لنسوته الأربع أربعكن طوالق

إلا فلانة أو إلا واحدة قال القاضي حسين والمتولي لا يصح هذا الاستثناء ويطلقن جميعاً لأن الأربع ليست صيغة عموم وإنما هي اسم خاص لعدد معلوم خاص فقوله إلا فلانة رفع للطلاق عنها بعد التنصيص عليها فهو كقوله طالق طلاقاً لا ومنهم من وجهه بأن الاستثناء في المعين غير معتاد وهذا يضعف بأن الإمام حكى عن القاضي أنه قال أربعكن إلا فلانة طوالق صح الاستثناء وادعى أن هذا معهود دون ذلك وهذا كلام كما تراه‏.‏

وقد حكينا في الإقرار أن الاستثناء صحيح من المعينات على الصحيح ويستوي في الوجهين الإقرار والطلاق‏.‏

 فصل قيل له على وجه الاستخبار أطلقت امرأتك

أو فارقتها أو زوجتك طالق فقال نعم فهذا إقرار بالطلاق فإن كان كاذباً فهي زوجته في الباطن فلو قال أردت الإقرار بطلاق سابق وقد راجعتها صدق وإن قال أبنتها وجددت النكاح فعلى ما ذكرناه فيما إذا قال أنت طالق في الشهر الماضي وفسر بذلك ولو قيل له ذلك على وجه التماس الإنشاء فإن قال في الجواب نعم طلقت ولا إشكال وإن اقتصر على قوله نعم فهل هو صريح أم كناية قولان قال ابن الصباغ والروياني وغيرهما أظهرهما أنه صريح وقطع به بعضهم وهو اختيار المزني وفي كلام بعضهم إطلاق الخلاف بلا فرق بين الالتماس والاستخبار والانشاء والصحيح التفصيل الذي ذكرناه ولو قيل له طلقت زوجتك فقال طلقت فقد قيل هو كقوله نعم‏.‏

وقيل ليس بصريح قطعاً لأن نعم متعين للجواب وقوله طلقت مستقل بنفسه فكأنه قال ابتداءً طلقت واقتصر عليه وقد سبق أنه لو اقتصر عليه فلا طلاق‏.‏

فرع قيل له ألك زوجة فقال لا فقد نص في الإملاء أنه لا يقع به طلاق وإن نوى لأنه كذب محض وبهذا قطع كثير من الأصحاب ولم يجعلوه إنشاء ولا بأس لو فرق بين كون السائل مستخبراً أو ملتمساً الإنشاء كما قد سبق في الفصل قبله لأنا ذكرنا في كنايات الطلاق أنه لو قال مبتدئاً لست بزوجة لي كان كناية على الأصح وذكروا وجهين في أنه صريح في الإقرار أم كناية قال القاضي حسين هو صريح والأصح أنه كناية لاحتمال أنه يريد نفي فائدة الزوجات وبهذا قطع البغوي ولها تحليفه أنه لم يرد طلاقها ولو قال قائل هذه زوجتك مشيراً إليها فقال لا فهذا أظهر في كونه إقراراً بالطلاق‏.‏

فرع قيل أطلقت زوجتك فقال قد كان بعض ذلك لم يكن إقراراً بالطلاق لاحتمال التعليق أو الوعد بالطلاق أو خصومة تؤول إليه ولو فسر بشيء من ذلك قبل وإن كان السؤال عن ثلاث ففسر بواحدة قبل وإن لم يفسر بشيء قال المتولي إن كان السؤال عن ثلاث لزمه الطلاق وإن كان عن واحدة فلا لأنها لا تتبعض والأصل أن لا طلاق وفي كل واحد من الطرفين نظر‏.‏

قلت الصواب أنه لا يقع شيء إلا أن يعرف به سواء سئل عن ثلاث أو مطلقاً للاحتمالات المذكورة مع الأصل والله أعلم‏.‏

 فصل أكل الزوجان تمراً وخلطا النوى

فقال إن لم تميزي نوى ما أكلت عن نواي فأنت طالق أو اختلطت دراهمها بدراهمه ونحو ذلك فقال الأصحاب تخلص من الحنث بأن يفرقها بحيث لا يلتقي منها نواتان فإن أراد التمييز الذي يحصل به التعيين لم يتخلص بذلك‏.‏

وفي صورة الإطلاق احتمال للإمام ولو قال إن لم تعدي الجوز الذي في هذا البيت اليوم فأنت طالق فقال الإمام في طريق البر وجهان أحدهما تأخذ من عدد تستيقنه وتزيد واحداً حتى تستيقن أنه لا يزيد عليه كما لو قال إن لم تخبريني بعدده والثاني يلزم أن تبتدىء من الواحد وتزيد حتى تنتهي إلى الاستيقان قال الإمام واكتفوا على الوجهين بذكر اللسان ولم يعتبروا تولي العد فعلاً قال ولست أرى الأمر كذلك‏.‏

في فمها تمرة فقال إن ابتلعتها فأنت طالق وإن قذفتها فأنت طالق وإن أمسكتها فأنت طالق فتخلص من الحنث أن تأكل بعضها وتقذف بعضها هذا إذا وقع التعليق بالإمساك آخراً كما ذكرنا ثم اتصل أكل البعض بآخر التعليق فلو وجد مكث فقد حصل الإمساك ولو علق بالإمساك أولاً وأكلت البعض بعد تمام الأيمان كان حانثاً في يمين الإمساك ولو قال إن أكلتها فأنت طالق وإن لم تأكليها فأنت طالق فلا خلاص بأكل البعض فإن فعلته حنث في يمين عدم الأكل ولو علق على الأكل فابتلعت لم يحنث على الأصح لأنه يقال ابتلع ولم يأكل ذكره المتولي‏.‏

فرع كانت تصعد سلماً فقال إن نزلت فأنت طالق وإن صعدت فأنت طالق وإن مكثت فأنت طالق فيحصل الخلاص بالطفرة إن أمكنتها وبأن تحمل فيصعد بها أو تنزل وينبغي أن يكون الحمل بغير أمرها وتتخلص أيضاً بأن تضجع السلم على الأرض وهي عليه وتقوم من موضعها وبأن يكون بجنبه سلم آخر فينتقل إليه فإن مضى في نصب سلم آخر زمان حنث في يمين الوقوف فرع قال إن أكلت هذه الرمانة أو إن أكلت رمانة فأنت طالق‏.‏

فأكتها إلا حبة لم يحنث لأنه وإن كان يقال في العرف أكل رمانة فيقال أيضاً لم يأكل كل الرمانة ولو علق بأكل رغيف فأكلته إلا فتاتاً قال القاضي حسين لا يحنث كحبة الرمان وقال الإمام إن بقي قطعة تحس ويجعل لها موقع لم يحنث وربما ضبط ذلك بأن يسمى قطعة خبز وإن دق مدركه لم يظهر له أثر في بر ولا حنث قال وهذا مقطوع به عندي في حكم العرف والوجه تنزيل إطلاق القاضي على هذا التفصيل فرع قال إن لم تخبريني بعدد حبات هذه الرمانة قبل كسرها‏.‏

فأنت طالق أو إن لم تخبريني بعدد ما في هذا البيت من الجوز اليوم أو إن لم تذكري لي ذلك فأنت طالق قال الأصحاب يتخلص بأن تبتدىء من عدد تستيقن أن الحبات أو الجوز لا تنقص عنه وتذكر الأعداد بعد متوالية بأن تقول مائة مائة وواحد مائة واثنان وهكذا إلى أن تنتهي إلى عدد تستيقن أنه لا يزيد عليه فتكون مخبرة عن ذلك العدد وذاكرة له وهذا إذا لم تقصد التعيين والتعريف وإلا فلا يحصل كما سبق‏.‏

وفي معنى هذه الصورة ما إذا أكل تمراً وقال إن لم تخبريني بعدد ما أكلت فأنت طالق‏.‏

وما إذا اتهمها بسرقة وقال إن لم تصدقيني أسرقت أم لا فأنت طالق فتقول سرقت وما سرقت‏.‏

فرع وقع حجر من سطح فقال إن لم تخبريني الساعة من رماه‏.‏

فأنت طالق ففي فتاوى القاضي حسين أنها إن قالت رماه مخلوق لم تطلق وإن قالت رماه آدمي طلقت الجواز أن يكون رماه كلب أو الريح لأنه وجد سبب الحنث وشككنا في المانع وشبهه بما إذا قال أنت طالق إلا أن يشاء زيد اليوم فمضى اليوم ولم يعرف مشيئته فإنه يقع الطلاق على خلاف فيه سبق‏.‏

فرع قال لثلاث نسوة من لم تخبرني منكن بعدد ركعات الصلاة المفروضة فهي طالق فقالت واحدة سبع عشرة وقالت أخرى خمس عشرة وثالثة إحدى عشرة لم تطلق واحدة منهن فالأول معروف والثاني يوم الجمعة والثالث في السفر قاله القاضي والمتولي‏.‏

فرع قال كل كلمة كلمتيني بها إن لم أقل مثلها فأنت طالق فقالت المرأة أنت طالق ثلاثاً فطريقة أن يقول أنت تقولين أنت طالق ثلاثاً أو تقول أنت طالق ثلاثاً من وثاق أو أنت طالق إن شاء الله ولو قالت له إذا قلت لك طلقني ما تقول فقال أقول طلقتك لا يقع الطلاق لأنه إخبار عما يفعل في المستقبل‏.‏

في يدها كوز ماء فقال إن قلبت هذا الماء فأنت طالق وإن تركتيه فأنت طالق وإن شربتيه أنت أو غيرك فأنت طالق فخلاصها بأن تضع فيه خرقة فتبلها به‏.‏

فرع قال لها وهي في ماء جار إن خرجت منه فأنت طالق وإن مكثت فيه فأنت طالق‏.‏

قال الأصحاب لا تطلق خرجت أم مكثت لأن ذلك الماء فارقها بجريانه وفيه وفي نظائره احتمال للإمام بسبب العرف وإن كان الماء راكداً فالطريق أن يحملها إنسان في الحال‏.‏

فرع لا بد من النظر في مثل هذه التعليقات إلى وضع اللسان وإلى ما يسبق إلى الفهم في العرف الغالب فإن تطابق العرف والوضع فذاك وإن اختلفا فكلام الأصحاب يميل إلى اعتبار الوضع والإمام والغزالي يريان اتباع العرف وقد سبق في هذه الفروع أمثلة هذا‏.‏

 فصل مخاصمة الزوجين ومشاتمتهما

في مسائل تجري في مخاصمة الزوجين ومشاتمتهما وأغلب ما تقع إذا واجهت زوجها بمكروه فيقول على سبيل المكافأة إن كنت كذلك فأنت طالق يريد أن يغيظها بالطلاق كما غاظته بالشتم فكأنه يقول تزعمين أني كذا فأنت طالق فإذا قالت له يا خسيس فقال إن كنت كذلك فأنت طالق نظر إن أراد المكافأة كما ذكرنا طلقت سواء كان خسيساً أو لم يكن وإن قصد التعليق لم تطلق إلا بوجود الخسة قال أبو الحسن العبادي الخسيس من باع دينه بدنياه وأخس الأخساء من باع آخرته بدنيا غيره ويشبه أن يقال الخسيس من يتعاطى في العرف ما لا يليق بحاله لشدة بخله فإن شك في وجود الصفة ويتصور ذلك كثيراً في مسائل الشتم والايذاء فالأصل أن لا طلاق وإن أطلق اللفظ ولم يقصد المكافأة ولا حقيقة اللفظ فهو للتعليق‏.‏

فإن عم العرف بالمكافأة كان على الخلاف السابق في أنه يراعي الوضع أو العرف والأصح وبه قطع المتولي مراعاة اللفظ فإن العرف لا يكاد ينضبط في مثل هذا وأجاب القاضي حسين بمقتضى الوجه الآخر ولو قالت يا سفيه فقال إن كنت كذلك فأنت طالق فإن قصد المكافأة طلقت في الحال وإن قصد التعليق طلقت إن كان سفيهاً وإن أطلق فعلى الخلاف ويمكن أن يحمل السفه على ما يوجب الحجر وعلى هذا نظائر ما يقع به الشتم والايذاء‏.‏

وتكلموا في كلمات يدخل بعضها في حد الإفحاش ففي التتمة أن القواد من يحمل الرجال إلى أهله ويخلي بينهم وبين الأهل ويشبه أن لا يختص بالأهل بل هو الذي يجمع بين الرجال والنساء بالحرام وأن القرطبان الذي يعرف من يزني بزوجته ويسكت عليه وأن قليل الحمية من لا يغار على أهله ومحارمه وأن القلاش الذواق وهو من يوهم أنه يشتري الطعام ليذوقه وهو لا يريد الشراء وأن الديوث من لا يمنع الناس الدخول على زوجته وفي الرقم للعبادي أنه الذي يشتري جارية تغني للناس وأن البخيل من لا يؤدي الزكاة ولا يقري الضيف فيما قيل وأنه لو قيل له يا زوج القحبة فقال إن كانت زوجتي بهذه الصفة فهي طالق فإن قصد التخلص من عارها وقع الطلاق كما لو قصد المكافأة وإلا فهو تعليق فينظر هل هي بالصفة المذكورة أم لا قلت القحبة هي البغي وهي كلمة مولدة ليست عربية والله أعلم‏.‏

وأنه لو قال لها في الخصومة إيش تكونين أنت فقالت وإيش تكون أنت فقال إن لم أكن منك بسبيل فأنت طالق قال القاضي حسين إن قصد التعليق لم تطلق لأنها زوجته فهو منها بسبيل وإن قصد المغايظة والمكافأة طلقت‏.‏

والمقصود إيقاع الفرقة وقطع ما بينهما وأنها لو قالت لزوجها أنت من أهل النار فقال إن كنت من أهل النار فأنت طالق لم يحكم بوقوع الطلاق إن كان الزوج مسلماً لأنه من أهل الجنة ظاهراً وإن كان كافراً طلقت فإن أسلم بعد ذلك تبينا أنها لم تطلق ولو قالت يا سفلة فقال إن كنت كذلك فأنت طالق قال إسماعيل البوشنجي الأولى أنه الذي يتعاطى الأفعال الدنيئة ويعتادها ولا يقع ذلك على من يتفق منه نادراً كاسم الكريم والسيد في نقيضه ولا يخفى أن النظر في تحقيق هذه الأوصاف إنما يحتاج إليه عند حمل اللفظ على التعليق فأما إذا فرع الكوسج من قل شعر وجهه مع انحسار الشعر عن عارضيه وعن أبي حنيفة رحمه الله أنه الذي عدد أسنانه ثمانية وعشرون‏.‏

فرع قال أبو العباس الروياني الغوغاء من يخالط المفسدين والمنحرفين‏.‏

ويخاصم الناس بلا حاجة قال والأحمق من نقصت مرتبة أموره وأحواله عن مراتب أمثاله نقصاً بيناً بلا مرض ولا سبب‏.‏

قلت قال صاحب المهذب و التهذيب في باب كفارة الظهار الأحمق من يفعل الشيء في غير موضعه مع علمه بقبحه وفي التتمة و البيان أنه من يعمل ما يضره مع علمه بقبحه‏.‏

وفي التتمة والبيان أنه من يعمل ما يضره مع علمه بقبجه وفي الحاوي أنه من يضع كلامه في غير موضعه فيأتي بالحسن في موضع القبيح وعكسه‏.‏

قال أبو العباس ثعلب الأحمق من لا ينتفع بعقله والله أعلم‏.‏

فرع قالت يا جهودروي فقال إن كنت كذلك فأنت طالق وقصد التعليق قال الإمام وقعت المسألة في الفتاوى وأكثروا في التعبير عن هذه الصفة فقيل هي صفرة الوجه وقيل الذلة والخساسة وكان جوابنا فيه أن المسلم لا يكون بهذه الصفة فلا يقع الطلاق قال في الوسيط وفيه نظر‏.‏

فرع لو تخاصم الزوجان فقال أبوها للزوج لم تحرك لحيتك فقد رأيت مثلها كثيراً فقال إن كنت رأيت مثل هذه اللحية كثيراً فابنتك طالق فهذه كناية عن الرجولية والفتوة ونحوهما فإن حمل اللفظ على المكافأة طلقت وإلا فلا لكثرة الأمثال‏.‏

فرع قال المتولي لو نسب إلى فعل سيء كالزنا واللواط فقال من فعل مثل هذا فامرأته طالق وكان ذلك فعله لم يقع طلاقه لأنه لم يوقع طلاقاً وإنما غرضه ذم من يفعله ولو قال لزوجته سرقت أو زنيت فقالت لم أفعل فقال إن كنت سرقت أو زنيت فأنت طالق حكم بوقوع الطلاق في الحال بإقراره السابق‏.‏

 فصل قال إن خالفت أمري فأنت طالق

ثم قال لا تكلمي زيداً فكلمته قالوا لا تطلق لأنها خالفت النهي دون الأمر ولو قال إن خالفت نهيي فأنت طالق ثم قال قومي فقعدت وقع لأن الأمر بالشيء نهي عن أضداده وهذا فاسد إذ ليس الأمر بالشيء نهياً عن ضده فيما يختاره‏.‏

وإن كان فاليمين لا ينبني عليه بل على اللغة أو العرف لكن في المسألة الأولى نظر بسبب العرف

 فصل قال أنت طالق إلى حين أو زمان

أو بعد حين طلقت بمضي لحظة ولو قال إذا مضى حقب أو عصر فأنت طالق قال الأصحاب يقع بمضي لحظة وهو بعيد لا وجه له‏.‏

 فصل لو علق الطلاق بالضرب طلقت

إذا حصل الضرب بالسوط أو الوكز اللكز ولا يشترط أن لا يكون حائل ويشترط الإيلام على الأصح وقيل لا يشترط بل تكفي الصدمة وإلى هذا مال الإمام وقال الإيلام وحده لا يكفي فإنه لو وضع عليه حجراً ثقيلاً فانصدم تحته لم يكن ضرباً وإن آلم‏.‏

قال والصدم وحده لا يكفي فإنه لو ضربه بأنملة لا يقال ضربه وكان المعتبر في إطلاق اسم الضرب الصدم بما يؤلم أو يتوقع منه إيلام‏.‏

واتفق الأصحاب على أنه لا يقع الطلاق إذا كان المضروب ميتاً وشذ الروياني فحكى فيه خلافاً والعض وقطع الشعر لا يسمى ضرباً فلا يقع به